top of page

العلاقة الإماراتية​-الصينية

تقوم السياسة الخارجية الإماراتية على العديد من المبادئ الراسخة، ويأتي في مقدمتها التوازن، وهو ما ينعكس في تنوع تحركاتها تجاه الشرق والغرب والشمال والجنوب ضمن إطار قوي من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.. وتعدّ العلاقة مع الصين نموذجاً ساطعاً لهذا التنوع، ولذلك جاء مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين 2012 ليؤكد على هذه المبادئ، ليس في إطار العلاقة بين الصين والإمارات فحسب، وإنما بين الصين والمنطقة العربية كلّها.

 

تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وفي يومي 18 و19 يناير 2012  في مركز إكسبو الشارقة تم تنظيم مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين. حيث عقد بمشاركة من كبار الشخصيات ورجال الأعمال العرب والصينيين والمستثمرين والأكاديميين المتخصصين في ميدان الاقتصاد.. وفي هذا الإطار تحدث حسين المحمودي مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة، قائلاً: "يأتي المؤتمر تأكيداً على قوة ومتانة العلاقات العربية- الصينية عامة، والإماراتية- الصينية خاصة، كما يؤكّد أن هذه العلاقات تسير بخطى ثابتة نحو التنامي والتطور المستمرين، لأن أسس التعاون العربي- الصيني في غاية المتانة، ومستقبله واعد، وكلّ جانب من الجانبين يحترم سياسات واستراتيجيات وثقافات الجانب الآخر، ويسود مُناخ من العمل الدوؤب لتطوير هذه العلاقات بما يضمن استمرارية تطور العلاقات الإماراتية- الصينية نحو الأفضل، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى حرص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى حكّام الإمارات، حفظهم الله، على ضرورة تطوير علاقات الدولة مع جمهورية الصين الشعبية، وبذل المزيد من الجهود لدفعها إلى الأمام من أجل تحقيق مصلحة شعبي البلدين الصديقين في مختلف المجالات".

القوة الاقتصادية الثانية

الصين اليوم تعد القوة الاقتصادية الثانية في العالم، ومنذ إصلاح السوق في الصين عام 1978 تمكّن الاقتصاد الصيني من النمو بمعدل 10 % سنوياً، ويعتقد بعض الخبراء أن الصين سوف تتجاوز الولايات المتحدة في إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2040، ولذلك سعت الإمارات على الدوام لتمتين العلاقات مع الصين يوماً بعد يوم.

ووفقاً لتصريحات مسؤولين صينيين آخرين، فإن هناك إمكانيات هائلة كامنة يمكن استغلالها وتطويرها وتوسيع آفاقها لخدمة المصالح المشتركة للدولتين، وهناك العديد من المشروعات الاقتصادية والتجارية والتقنية التي يمكن أن تتعاون الدولتان في تنفيذها، بل إن العديد من الشركات الصينية تتطلع إلى الوصول إلى أسواق الإمارات، التي تمتاز بدينامكيتها الدائبة وجذبها لرؤوس الأموال.

أفضل شريك تجاري

تعدّ الإمارات حالياً أفضل شريك تجاري للصين في منطقة الشرق الأوسط، وتشهد العلاقات التجارية بين الدولتين ازدهاراً كبيراً منذ انطلاقها، حيث بلغت قيمة التجارة المتبادلة بين البلدين خلال السنوات (2006-2010) ما يقارب 67 مليار دولار، كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين الدولتين خلال عام 2010 ليصل إلى نحو 14 مليار دولار مقابل 13 مليار دولار عام 2009، ما جعل الصين ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات، وأكبر سوق تصديرية إلى الدولة، كما تعدّ الإمارات أكبر سوق تصديرية للصين في الشرق الأوسط.
وتوجد لجنة إماراتية- صينية مشتركة تعمل على تطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين إلى مستوى أفضل من خلال التنسيق والتفكر والتشاور بين الجانبين، وتعمل الدولتان على تشجيع المؤسسات التجارية ورجال الأعمال في كل من الصين والإمارات للمشاركة في المعارض التجارية التي تقام في الدولتين، والدخول في مشروعات استثمارية مشتركة أو أحادية تعود بالمنفعة للجانبيين.

حالة المصالح المتبادلة

نما حجم التجارة بين دولة الامارات والصين بمعدلات تصل الى 35 % خلال العقد الماضي ويتوقع ان تصل الى 100 مليار دولار مع نهاية العام الجاري.

وأضاف الخبراء أن ازدهار النشاط التجاري بين الدولتين جاء نتيجة الاقتصاد وتدفق الأعمال التجارية، فضلاً عن زيادة طلبات الاستثمار، ما فتح المجال لزيادة التعاون التجاري بين الشركات الإماراتية والصينية، ولذلك يسعى "البنك الصناعي التجاري الصيني"، أحد أكبر المصارف في العالم بأصول تبلغ 2.32 تريليون دولار، إلى تعزيز مكانته في الشرق الأوسط والمساهمة في تطوير التجارة بين الإمارات والصين.
ويأتي نمو العلاقات الصينية- الإماراتية على خلفية تنامي دور الإمارات وقوتها على الصعيد الدولي بشكل عام، وفي محيطها الآسيوي بشكل خاص، ولذلك أخذت الإمارات تركز على قوى آسيوية باتت تحتل مكانة مهمة على خارطة العالم، وهو ما يؤكد الأهمية الخاصة التي توليها الدولة لتنويع علاقاتها وتحالفاتها الدولية والموقع الذي تشغله الدائرة الآسيوية في أولويات الدبلوماسية الإماراتية.
وفي هذا الصدد، فإن حالة "المصالح المتبادلة" بين الصين والإمارات، تؤهلهما لتطوير علاقات متميزة يمكن أن تنعكس على نحو إيجابي على المستويات كافة، فالعلاقات العربية- الصينية عامة، قديمة قدم طريق الحرير، وهذه أرضية جيّدة للانطلاق بعلاقات رسمية جديدة وخصوصاً مع وجود أكثر من جالية إسلامية كبيرة في الصين.

bottom of page